بين حتميتين

http://www.almoharib.com/2013/02/blog-post_26.html
الأستاذ والسياسي المغربي مصطفى لمعتصم
ربما تأخر الربيع في الحلول على الوطن العربي والإسلامي لعقدين من الزمن تقريبا
، حيث كان من المفروض أن يحصل ما حصل أخيرا في الوطن العربي والإسلامي مباشرة بعد انهيار جداربرلين وانهيار حلف وارسو والاتحاد السفياتي تماما كما حدث في العديد من دول المعمور في أوروبا الشرقية وآسيا وأمريكا الوسطى و الجنوبية وحتى إفريقيا . لكن شيئا من هذا لم يحدث .
لكن طلائع الربيع االديمقراطي في العالم العربي والإسلامي ستطل بقوة ومن دون سابق انذار ، كانت الصفعة التي تلقاها الشهيد البوعزيزي من شرطية، بمثابة الشرارة التي أطلقت انتفاضات شعبية من الرباط إلى المنامة وأطاحت حتى الآن بعدت أنظمة كما تساقطت كقطع الدومينو في تونس وليبيا ومصر واليمن وأشعلت نيران الاحتجاج الشعبي الغاضب في سوريا والبحرين والعراق والسعودية والكويت والسودان ،الخ، .
وفي وقت قياسي بدا وكأن الشعوب في العالم العربي والإسلامي قد قرر ت أن تأخد مصيرها بين أيديها حتى يتسنى لها ولوج ناد ما فتئ يتسع " نادي الدول الديموقراطية" . ومرة أخرى نسجل التقاط النظام المغربي لدقة المرحلة وأهمية التفاعل الإيجابي مع مطالب الشارع والمتمثلة تحديدا في مطالب : الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والاستبداد . فقام باصلاحات دستورية جزئية لم ترتقي إلى المطلوب وأجرى انتخابات أجمع كل المتتبعين على أنها كانت الأكثر نزاهة من بين كل الانتخابات والاستفتاءات التي عرفهاالمغرب منذ الاستقلال بما رفع من منسوب الأمل في امكانية الاصلاح وبناء المغرب الذي تريده القوى الديمقراطية.
كان المغاربة يأملون في تولي تدبير الشأن الحكومي، حكومة كفأة مبادرة ، قادرة على اعطاء الدستور الجديد تأويلا ديموقراطيا ، حكومة تمارس كافة صلاحياتها الدستورية . لكن مع توالي الأيام سيكتشفون أن الأمل تحول إلى سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءا وما هو بماء،اكتشفوا أن محفزات الاقلاع والاصلاح لا ترتقي إلى مستوى عراقيل المفسدين وقلاع المقاومة ، بل اكتشفوا ما هو أخطر ، اكتشفوا أن من كان المغاربة يأملون بأن يقودوا الاصلاح قد أصبحوا جزءا من المشكل بتدابيرهم وطريقة تواصلهم و عملهم .
في ذكرى 20 فبراير نحس أن منسوب الأمل في تراجع مستمر و يحس العديد من المغاربة أنهم قد عادوا إلى النقطة التي انطلقوا منها والمرارة تملأ فمهم . . .
إن الاطمئنان إلى ضعف حركية الشارع اليوم خطأ فادح قد يرتكبه الصناع الحقيقيون للقرار ببلادنا لإنه من الصعب جدا التكهن بكيمياء التفاعلات الاجتماعية والتنبؤ بمتى وكيف قد تنتفض الشعوب من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
ونقولها بكل وضوح المغرب اليوم بين حتميتين ، الاصلاح الحقيقي بما يضمن الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية والمواطنة وتوزيع عادل للثروات وتكافئ الفرص ، أو الدخول إلى منطقة القلاقل والاضطرابات التي لا يستطيع أحد التكهن بمداها .
الأستاذ والسياسي المغربي مصطفى لمعتصم