الدولة والمنظومة الأمنية

/2014/04/blog-post_15.html
الدولة والمنظومة الأمنية

فوزية البيض*
لكل دولة أجهزتها لضبط منظومتها الأمنية التي تدخل في خانة مكونات السيادة. من المفروض أن تكون الحكومة تتوفر على خريطة الإجرام مثلما تتوفر على خريطة الفقر والموارد. بل أن تكون على دراية بأنواع الجريمة حسب تقسيم الجهات الذي يخضع دائما للمقاربة الأمنية. مثلا الدارالبيضاء فاس، مكناس وسلا معروفة بالسرقة الموصوفة بالسلاح الأبيض، المنطقة الشرقية حيث يتداول التهريب والقرقوبي، الشاوية ورديغة بسرقة الفلاحين والماشية، سوس ماسة درعة بالفساد والدليل هي مؤشراتها العالية في نسبة المرضى بالسيدا، منطقة الشمال التي بها المحكومين غيابيا والهاربين من العدالة نتيجة الاتجار بالمخدرات، ناهيك عن بعض النقط السوداء في خريطة الإجرام التي تعتبر خزانا لخلايا الإرهاب وللجريمة المنظمة والاتجار في البشر والذي تتطلب مواجهته تظافر جهود الجميع وتوفر الدولة على بنك للمعطيات وللبصمات، كما تستند على التعاون الأمني القائم بين بلدان الجوار وفي المحيط الإقليمي. فتنامي تواجد الجماعات الجهادية في منطقة ساحل الصحراء مثلا، والتي تتغذى من عدم الإستقرار، وتنشط في محطات الإنفلات الأمني، خطورتها تكمن في قدرتها على تغيير خريطة المنطقة متى ما لم يتم ضبط عملياتها في إطار التنسيق الأمني الدقيق.

على الحكومة أن تكون على أهبة لتنفيذ استراتيجيتها لمواجهة أي وجه من أوجه الاختلالات التي تمس الأمن العام، تكون قد سطرتها مسبقا في سياستها العمومية وبرنامجها الحكومي. علينا أن نعرف أنه بقدر ما تكثر الجريمة يقل الشعور بالأمن ويكثر القمع وتقل حرية التحرك والتجمهر والاحتجاج والتفكير والتعبير والوعي بضرورة المشاركة السياسية، ويصبح حلم المواطن هو البحث عن نعمة الاستقرار والسلم الاجتماعي وعن الإيمان بالعقيدة الأمنية لبلده وبهيبتها.

حول غياب الشعور بالأمن
  للقضاء على ظاهرة التشرميل التي تنتشر بسرعة الى حد أصبحت هناك مناطق وأحياء ساخنة تدعى "بالهارليم"، و"بكولومبيا"، وأخرى يطلق عليها إسم درب "أخطر المجرمين" أو حي "السبوعا" تسود فيها لغة الأسلحة البيضاء وفكر العصابات les gangues، يجب التخطيط لاستراتيجية متداخلة الأبعاد، تشارك فيها المؤسسات الموكول لها دور المقاربة الأمنية، التربوية، التثقيفية والتوعوية تسطرها السياسات العمومية، ويشارك فيها الاعلام والمجتمع المدني، ويندمج فيها البعد الاقتصادي، لأن مواجهة الانحراف لا يتطلب حلولا مرحلية مناسباتية، ولكن إجتتاته من جدوره يتطلب مواجهة الاختلالات المجتمعية بأبعاد تلامس التربية والتكوين والعلاج وإدماج الشباب في النسيج المجتمعي وفي سوق الشغل، وليس تركهم عرضة للضياع والفراغ التأطيري الكفيل بإسقاطهم في براثين الجنح والجريمة والعود بعد قضاء فترات سجنية.

من أجل تجفيف منابع الإجرام والعنف والظواهر الشادة سلوكيا، يجب إعادة النظر في السياسة العقابية التي يجب أن تزاوج بين قضاء العقوبة وتتبع برامج قادرة على الردع ومعالجة الانحرافات السلوكية. يجب التخطيط لاستراتيجيات تنبني على مؤشرات يزودنا بها مرصد أو مركز وطني لعلم الإجرام يجب التسريع بإحداثه، يكون من بين صلاحياته دراسة وإحصاء أنواع الجريمة، مع خلق بنك للبصمات الجينية. مجتمع الحريات و حقوق الانسان هو أيضاً مجتمع الواجبات ومن تجاوز الحدود يجب أن يؤدي ثمن اقترافه للظلم في حق نفسه وحق المجتمع.
 فوزية البيض ,عضو بالبرلمان المغربي