حرب واشنطن بكين القادمة


 

http://www.almoharib.com/2015/07/blog-post.html

حرب واشنطن بكين القادمة
فادى عيد *
كثيراً منا يرى بكين بعيدة عن الحرب الباردة الدائرة بين موسكو و الغرب، و جميعا يتفق ان الارضية التى تدخل اليها الصين الى أى سوق جديدة هى الارضية الاقتصادية و ليست عسكرية أستخباراتية كما تتحرك روسيا، كذلك نتفق على مصالحها الاستراتيجية الهامة مع روسيا و منظمة البريكس، و لكن برغم كل ذلك لا نرى الصين على نفس خط الصراع الدائر بين روسيا و الغرب، فهل الصين حقا بعيدا عن صراع الكبار، أم أن الصين تخوض تلك الحرب بشكل مختلف و أن الصين لا تريد أن تنهك نفسها خارج ملعبها، أم أن الحرب بدئت اولى جوالاتها الرسمية مؤخرا و قد أستعد رعاة البقر مسبقا و التى باتت أمامهم تلك الحرب حتمية تفرض نفسها بسبب مؤشر النمو الاقتصادي و العسكري الصيني .

لقد فرض الصراع بين بكين و واشنطن على بحر الصين الجنوبى نفسه، مما عجل ببكين و واشنطن لكي يضعو أستراتيجية واضحة على خطط التوسع لقواتهم البحرية، فقد بدء جيش التحرير الصيني يتطلع لزيادة قواته البحرية و حجمها من بوارج و فرقطات فى الفترة الاخيرة بشكل ملحوظ مع تنفيذ أكبر علمية تحديث للبحرية الصينية تعد هى الاكبر فى بحريات العالم، كما تحدث أكثر من قائد بجيش التحرير الصينى بخصوص تلك الخطط المستقبلية بالتزامن مع تنفيذ المناورات المشتركة مع البحرية الروسية فى شرق البحر المتوسط لاول مرة، و تلك الخطوات جائت قبل أن تبدأ بكين فى رسم طريق الحرير القديم الجديد و الدخول فى مفاوضات جادة مع حكومة تايلاند لشق قناة مائية عبر اراضيها تمكن السفن من العبور من بحر الصين الى المحيط الهندى لكى تستغنا بذلك عن المرور من مضيق ملقا بين ماليزيا و اندونيسيا و الذى يقع تحت يد الاسطول السابع للبحرية الامريكية، و بنفس التوقيت كان التنين الصيني الذى يزداد كل يوم توحشا بأدغال القارة السمراء يفتح خطوط تفاوض ساخنة مع جيبوتى لانشاء قاعدة عسكرية صينية بالقرب من باب المندب .
و بمحيطها و بحدود ميائها قامت الحكومة الصينية بتنفيذ مشروع انشاء جزر صناعة جديدة و تشييد منارتين فى جزر الناشا المتنازع عليها مع واشنطن، و هو الامر الذى اغضب واشنطن كثيرا و ما دفع بالاخيرة لكى تخترق طائرتها التجسسية أجواء تلك الجزر لكى تدق طبول الحرب على بكين .

و اذا كانت تلك ابرز خطوات التحرك على الصعيد العسكري الصيني فكانت استراتيجية الصين الاقتصادية الجديدة ترسم بهدوء و ثقة بعد ان اعلنت بكين عن انشاء بنك متخصص لتنميه و تشييد مشاريع التنمية و البنية التحتية .

و مع تجميع تلك المشاهد الهامة و ايجاد روابط بينها و الروابط بينها كثيرة و واضحة يتبلور لنا حقيقة معنى تصريحات مؤتمر الحزب الحاكم " الحزب الشيوعي الصيني " و أعلان ان بكين قررت التحول من الاقتصاد التجميعي او التحويلي التي كانت تعتمد عليه على مدار ثلاثون عاما الي الاقتصاد المعرفي، أي التحول من الصناعات القائمة علي التجميع الي صناعة الابتكار و التطوير الذاتي و هو الامر الذي يتطلب ان تتحول مراكز اخري خارج الصين لتجميع المنتج الصيني اذا توفرت في هذا الاماكن قواعد القرب من الاسواق للمنتج الصيني و عوامل التنافسية التي تميز المنتج الصيني بأقل تكاليف .

نعم ان التنين الصينى خرج من داره و لم يعد يكتفى بالدفاع عن حقوقه داخل حدوده الجغرافية و الخطوط التى رسمها منذ ثلاثون عاما و بات يتطلع لتحالفات قوية مع روسيا و الهند لكى يتصدى للقطب الاوحد بواشنطن . و هنا و مع كل شراكة استراتيجية تمضيها الصين ( أكبر شريك تجارى للقارة الافريقية ) مع دول افريقيا، و مع تضاعف حجم الصادرات الصينية بشكل لافتا مع دول أوربا و التوقع بمضاعفتها خلال العشر اعوام القادمة ترى واشنطن أنه بات أنهاك الصين و وقف نموها الاقتصادى و العسكري امرا ضروريا الان، فقد تستطيع واشنطن الان مواجهة بكين أما غدا فلا أحد يعلم كيف سيكون شكل التنين الصين و حجم أنيابه، و لكن ما تترد فيه واشنطن بعض الشئ هو بأي رقعة مفضلة لها تواجه بكين، فكل الانظار تذهب للبحر الجنوبى و لكن هل تلك الرقعة هى الوحيدة و الافضل فعلا للعم سام، بأى حال الاشهر القليلة القادمة ستكشف لنا كل ملامح و أبعاد و حدود تلك الحرب .
 *

فادى عيد
الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط
fady.world86@gmail.com