الناتو سحب الباتريوت أم البساط من تركيا



http://www.almoharib.com/2015/11/blog-post_20.html
الناتو سحب الباتريوت أم البساط من تركيا
 فادى عيد*
فى خطوة مفاجئة لاردوغان و حكومته و على عكس ما تشتهي سفن العثمانيون الجدد سحبت كلا من هولندا و المانيا و الولايات المتحدة أنظمة دفاعتهم الارض جوية المعروفة بأسم باتريوت من الاراضي التركية المقابلة للحدود السورية برغم حاجة تركيا الماسة لتلك الانظمة .

فمع اندلاع الازمة السورية و بعد أشتعال الاوضاع بالقرب من حدودها طالبت تركيا بشكل رسمي من دول حلف شمال الاطلسي الناتو الدعم بمنظومات دفاع أرضية جوية متطورة خشية من اطلاق النظام السوري اى صواريخ باليستية تجاه الاراضي التركية، و قد كان بعد أن وضعت كلا من هولندا و المانيا و الولايات المتحدة الامريكية أنظمة باتريوت على الحدود التركية و الاتفاق على أن مهمة تلك المنظومات الدفاعية مستمرة حتى يناير 2016م، و بعد مرور ثلاث أعوام و دون سابق أي أنذار سحبت الدول الثلاث أنظمتها، ففي يناير الماضي سحب هولندا أجهزتها و منظومتها و بمنتصف أغسطس سحبت كلا من المانيا و الولايات المتحدة منظومتها الدفاعية، و هو الموقف الذى لم يتوقعه أي طرف بتركيا خاصة بأن الاوضاع فى سوريا لم تهدأ، أذا فما السبب الحقيقي من سحب دول الناتو لانظمتها من تركيا، و لماذا من الاساس تركيا تقدمت بذلك الطلب من ثلاث اعوام و هى تعلم أن الجيش السوري منهمك فى حربه الداخلية ضد داعش و اخواتها و لا ينوي أن يفتح على نفسه أي جبهة حرب جديدة بالداخل قبل الخارج .

بداية دعونا نعرف أسباب هولندا و المانيا و الولايات المتحدة بخصوص سحب منظوماتها الدفاعية و التى تتلخص فى ثلاث نقاط و هي
أولا : انتهاء تهديد استخدام النظام السوري لصواريخ باليستية ضد تركيا بشكل كامل .
ثانيا : مع تغير الاوضاع بسوريا تغير مفهوم التهديد على تركيا وأصبح تهديدًا إرهابيًا و ليس تهديدًا نظاميًا، و سار تنظيم داعش هو الخطر المباشر على الامن التركي و ليس النظام السوري، و يمكن للجيش التركي التغلب على هذا التهديد بنفسه أو من خلال التعاون معنا بأساليب عسكرية أخرى .
ثالثا : منظومة الدفاع أصبحت فى حالة ملحة للتحديث و الاخضاع لعملية الاصلاح الميكانيكي،  كما أن تكاليفها سارت باهظة على الدول المعنية بها .

هنا و انتهت مبررات الدول الثلاث لسحب الباتريوت و لكن لم تنتهى حيرة العثمانيون الجدد من تفسير ذلك الامر، فدعونا نتعمق بعدستنا الخاصة فى المشهد و نوضح الرؤية لواحد من مئات المشاهد الضبابية بالاقليم و نجتهد فى توضيح الاسباب الحقيقية لتلك الخطوة التى تمت قبل وقتها المتفق عليه فى يناير العام القادم .
بداية جميعا يعلم ان التحرك العسكري التركي فى الاراضى السورية لم يكن ضد داعش التى تتنفس أكسجينها من جهاز المساعدات الانسانية التركى IHH  الذى يزودها بالمال و السلاح تحت تحرك و غطاء أنسانى بأشراف من المخابرات العامة التركية MIT و نفس الامر لعبته مؤسسة فاكفي يارديم للمساعدات الانسانية، فهى داعش التى نحرت رقاب المصريين و اكلت كبود السوريين و احرقت الاكراد و الاردنيين و صلبت الليبين و قطعت اوصال العراقيين و لم تترك أي أسير الا و كان مصيره واحده من تلك النهايات الدموية بأستنثاء الدبلوماسيون التركوة التى اطلقت سراحهم، كما أنها داعش التى لم تترك ضريح فى سوريا و العراق الا و فجرته بينما لم تمس ضريح سليمان شاه جد مؤسس الدولة العثمانية بأى أذى، أنها داعش التى أينما أقتربت من أي دولة و الا و هددت حدودها بالقول و الفعل من المغرب العربي و حتى العراق بينما فى ظل تواجدها على مدار ثلاث اعوام على شريط الحدود السوري التركي لم تهدد تركيا بأي أشارة، أنها داعش التى صارت مورد هام للنفط و اصبح ميناْء جيهان التركي هو منفذ انطلاق نفطها نحو ميناء عسقلان الاسرائيلي، أنها داعش التى صارت الخنجر الاول لتركيا لقتل أحلام الدولة الكردية الوليدة و لبث الرعب ضد أكراد الداخل بشرق تركيا .

و من أخر نقطة التى تخص الاكراد نعي تماما لماذا اقدمت المانيا الحليف العسكري الاول لحزب العمال الكردستاني بسحب منظومة باتريوت، كما أن المصالح القادمة المشتركة مع منافس تركيا الاول على منصب شرطي الاقليم الا و هى الجمهورية الاسلامية أيران أكبر بكثير من مصالحها مع تركيا التى تعد المنافس الابرز للاقتصاد الالماني، و لذلك كانت الزيارات السريعة من جانب برلين تجاه طهران بعد الاتفاق النووي حاضرة و التفاهم بين وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف و نظيره الالماني فرانك شتاينماير أثناء مباحثات النووى واضحا .
ثانيا أن اغلب دول العالم و الرأي العام العالمي و أغلب اعضاء الناتو أنفسهم ضد السياسة التى رسمها أردوغان و مدير مخابراته هاكان فيدان بخصوص أنشاء منطقة أمنه داخل الاراضى السورية و الترسيم الجديد التى تنوى أنقرة الاقبال عليه تجاه حلب .
و أخيرا و ليس أخرا سحب الولايات المتحدة لمنظومتها الدفاعية هى أحد الاشارات الهامة التى ترسلها واشنطن لطهران كرد عليها بعد أن التزمت طهران الصمت تجاه اليمن و سوريا طوال الفترة السابقة، و هنا تسأل أردوغان مع رجاله هل الناتو سحب مننا الباتريوت فقط من حدودنا أم سحب البساط من تحت أقدامنا و الذى فرش لنا قبل الغزو الامريكي للعراق  .

لا شك أن تركيا تحت قيادة حزب العدالة و التنمية ( المظلة الكبرى لاحزاب جماعة الاخوان المسلمون بالعالم ) تمثل ضلع هام للناتو و للولايات المتحدة باقليم الشرق الاوسط و من الصعب الاستغناء عنها، خاصة بعد أن تم تكليف تركيا بالتعامل مع أى اضطرابات تظهر جنوب شرق القارة الاوربية، و ما قدمته تركيا للغرب منذ غزو العراق 2003م مرورا بالحرب السورية وصولا لتدمير الدولة الليبية يفوق كل التصورات، و لكن هل الازمات الداخلية لدى حزب العدالة و التنمية و الفشل الخارجي بعد تلقى صدمة سقوط جماعة الاخوان فى الدولة المؤسسة للتنظيم و ما تلاه بعد ذلك سيظل يضع تركيا لدى فلاسفة و قادة الغرب بنفس قدر الاهتمام الذى كان قبل خمس سنوات من الان .

 * فادى عيد
الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط