الطائرة الروسية نهاية مرحلة و بداية مواجهة |
كان لحادثة سقوط الطائرة الروسية بشبة جزيرة سيناء ردود فعل كثيرة من الجانبين المصري و الروسي بل و البيريطاني و الامريكي أيضا الذين دخلو على الخط منذ اللحظات الاولى من وقوع الحادثة و التى قد تظهر على السطح انها متناقضة احيانا و قد تظهر على انها رسائل خادعة احيانا اخرى، كما علق على تلك الحادثة علامات استفهام عديدة حول كيفية اسقاط الطائرة و اذا كان اسقاطها ناتج عن عمل أرهابي او عطل فني بالطائرة، فكل هذا جاء باذهان جميع المهتمين و المتابعين للاحداث، و لكن ما غاب عننا فى ذلك المشهد نقاط هامة كثيرة، ففي ظل الاقتراب من مرحلة المواجهة الحاسمة و بعد ان باتت غرف الاستخبارات الدولية وحدها من يحرك جميع العرائس خلف الستار بات المشهد للجميع أكثر تعقيدا و ضبابية، و لكي نفك تلك التعقيدات علينا أدراك مشاهد و نقاط عديدة ابرزها كالاتي
اولا : عند تحليلنا لمشهد ما يجب ان ننظر له بكل الجوانب و عدم الاكتفاء بتحليله بناءا على موقفنا و موقعنا و مصلحتنا نحن فقط، فكان يجب من البداية أدراك موقف بوتين نفسه امام الشارع الروسي الذي أستشعر للحظة انه قد يفضل مهادنة مصر على مصلحة امن المواطن الروسي نفسه، حتى تخيل البعض بموسكو و كأن الامر مصلحة شخصية و ليس مصالح استراتيجية بين دولتين خاصة و أن واشنطن قد حركت صبيانها بالاجنحة اليمينية بروسيا ضد بوتين و هو الامر الذى حدث للمرة الاولى فى 2011م بعد عواصف الربيع العبري بالشرق الاوسط حيث خرج الالاف مطالبين باسقاط بوتين و هم رافعون صورة لرأس بوتين على جسد القذافي، و هو الامر الذى استوعبه جيدا الجانب المصري و تعامل معة الرئيس عبد الفتاح السيسي بذكاء شديد و اتزان يحسد عليه، و فى الوقت المناسب جائت خطوة التوقيع بين الجانب المصري و الروسي على أنشاء مفاعل الضبعة النووي تأكيدا على ثبات و قوة العلاقة بين القاهرة و موسكو فى الوقت الذى يعمل فيه صبيان واشنطن بالمنطقة بالاصطياد فى الماء العكر لضرب التحالف بين مصر و روسيا .
ثانيا : تلك الحادثة ( سقوط الطائرة الروسية ) أنهت كل المراحل السابقة بمختلف مسمياتها و بدئت معها مرحلة المواجهة المباشرة، و مع مرحلة المواجهة المباشرة تتبخر مقولة " نحن نعمل على سياسة متوازنة خارجيا " و اصبح على جميع لاعبين الاقليم تحديد موقفهم و بوضوح، و لم يعد هناك مجالا جديدا او وقت أضافي للعب على كافة الاوتار .
ثالثا : يحسب للرئيس الروسي استيعاب عقل و موقف نظيره فرنسوا هولاند بالمرحلة الحالية بعد هجمات باريس قبل غيره برغم ما ذاقته موسكو من باريس بسبب الازمة الاوكرانية، حتى صارت جميع اتصالات الاليزيه و رئاسة الاركان و الجيش الفرنسي مع موسكو دون توقف، و اعتقد انه بنفس الدرجة أدركت موسكو جيدا دور لندن على مسرح الاحداث بعد ظهورها على خشبة المسرح فى العلن او تحركها خلف الستار، و هذا يأتي مع أستعداد مصر و انتظارها لتلك اللحظة التى تعيد فيه معادلات الشرق الاوسط لمكانها الصحيح قبل قدوم عواصف الربيع العبري و وقت مكانت مصر الحضارة تتهيأ لانهاء حكم جماعات العصور الوسطى .
رابعا : جميع المشاهد التى حدثت فى سيناء او لبنان او باريس او ما ستحدث اصبح تصنيعها مقتصر على غرف الاستخبارات فقط، و هنا نعلن بوضوح ان الفترة القادمة سترجح كافة من يملك المعلومة و السلاح المتطور و القدرة على المباغتة و سرعة تحريك القطع على رقعة شطرنج الشرق الاوسط، و سرعة قراءة المشهد بالساحة الدولية .
خامسا : ليس كل ما يتم ظهوره اليوم هو وليد الامس بل كل فريق كتب نهاية الرواية حسب مخططه منذ فترة و لم يعد شيئ متبقي سوى ساعة الصفر .
سادسا : باتت جميع القوى الاقليمية التابعة للغرب بالاقليم سواء التى تولت منصب البنك المركزي لجماعات الاسلام السياسي بالمنطقة بعد أن أصبحت مكتب السياسيات الامريكية بالشرق الاوسط كدولة قطر، أو من تولى انشاء حضانات تربية و تدريب العناصر التكفيرية من كافة بقاع الارض كدولة تركيا تحت أنظار الحلفاء قبل الخصوم و بات الرأي العام و الاعلام الغربي يندد بتلك الدولتين فى خطوة جعلت من قادة الغرب الذى دعم دور كلا من تركيا و قطر فى موقف محرج امام العالم أجمع قبل أن يكون أمام شعوب بلادهم .
سابعا : و الاهم مما سبق و ما اردده دائما من السذاجة ان نضيع وقتنا فى تحليل تصريحات و مشاهد خادعة هدفها الاساسي التمويه عن ما هو قادم .
و من اخر جملة ذكرتها ( عن ما هو قادم ) اتمنى ان نبني رؤيتنا بوضوح و ليس بتشويش او نوع من المراهقة و الاندفاع لما سيحدث غدا خاصة و انه لم يعد هناك مجال لحديثي العهد بين الكبار، و من سيقع الان سيخرج من كتب التاريخ و لن يعود مجددا فأخطاء المرحلة الحالية غير قابلة للتصحيح، فما حدث بشبة جزيرة سيناء و لبنان و فرنسا أجبر الجميع على انهاء مرحلة الحرب الباردة و الاستعداد لمرحلة المواجهة المباشرة .
فادى عيد
الباحث السياسي و المحلل الاستراتيجي