نجح اردوغان باستغلال ازمة اللاجئين أفضل استغلال بعد ان هدد اوربا مرارا و تكرارا باغراقها بموجات بشرية لا تتوقف، حتى تمكن اردوغان من تحقيق اهدافه و ربما قد يكون حقق اكثر مما كان ينوي عليه فى بداية ازمة اللاجئين فبعد اجتماع دام لـ 6 ساعات بكواليس القمة الاوربية التركية بالعاصمة البلجيكية بروكسل و بعد محادثات طويلة و مناوشات و مشادات قصيرة، قبل ان تقوج المستشارة الالمانية انجيلا ميركل القارب الاوربي وحدها فى مفاوضاتها مع مندوب السلطان العثماني اردوغان الاول و رجل المرحلة القادمة احمد داوود اوغلو اتفقا الجانبين على زيادة دعم تركيا من 3 مليار دولار الى 6.6 مليار دولار و رفع التأشيرة عن الرعايا الأتراك لدخول القارة الأوربية منطقة شنغن اعتبارا من يونيو المقبل، بجانب تسريع عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي .
و فى ظل حالة النشاط السياسي لداوود اوغلو الاخيرة و قبل زيارته المرتقبة يوم 15 مارس الجاري للمملكة الاردنية الهاشمية لمناقشة اخر تطورات الملف السوري، كانت القيادة الاردنية كشرت عن انيابها امام النظام السوري بعد حشد ضخم للجيش العربي السوري فى شمال السويداء تمهيدا لبدء معركة ضخمة بالجنوب لاستعادته و هو الامر الذى قد ياتى بالسلب على الاردن عبر موجات جديدة من اللاجئين على الاردن، كي تقول عمان لدمشق ان ما قامت به المدفعية التركية على حدود سوريا الشمالية قد نكرره نحن فى الجنوب . جدير بالذكر ان مجموعة من المسلحين قد تسللو من الحدود الاردنية تجاه سوريا و قامو بالسيطرة على معبر التنف مؤخرا .
و مع التمهيد الامريكي الروسي نحو الفيدرالية فى سوريا و هو الامر الذى جمع داوود اوغلو و روحاني فى طهران و قد يجمع روحاني و اردوغان فى انقرة فى ظل حالة التفاهم السريعة بين الجانبين الايراني و التركي تجاه المخاطر التى تواجه كلا منهما فى ظل الصعود الكردي نتفهم جيدا لماذا كان الحضور التركي باهت جدا فى ختام مناورات رعد الشمال التى تعد فى المقام الاول رساله موجهه لطهران و لماذا تعمد اعلام و صحافة الحزب الحاكم بتركيا تشويه مناورات رعد الشمال او تجاهلها تماما، و لماذا تركيا استبقت الجميع وقت ان استشعرت باقتراب اصدار شهادة ميلاد الدولة الكردية و ذهبت تنقض على قلب تلك الدولة الوليدة كما ينقض الفهد على فريسته و غزت ارض الموصل العراقية و باتت قواتها تتشبث هناك، و ما تحمله تصريحات الرئيس الامريكي باراك اوباما لصحيفة ذى اتلانتيك التى ادان فيها تركيا و السعودية قبل ان يختص اردوغان بعبارات نارية، و هي مشاهد ليست بالبعيدة عن مشهد اعلان تأسيس " تيار الغد السوري " على يد رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض احمد الجربا بالقاهرة و اصفا ذلك الكيان بانه ديمقراطي تعددى متحالف مع المجلس الوطني الكردي فى سوريا، مطالبا بدولة فيدرالية بحضور كلا من وزير الخارجية المصري سامح شكري و مندوب السفير الروسي بمصر و ممثل مسعود برزاني رئيس اقليم كردستان العراق و مستشار الشؤون الامنية لدى ولي عهد ابو ظبي الشيخ محمد بن زايد ال نهيان محمد دحلان و ممثلي قوى 14 اذار اللبناني .
حقيقة الامر ان موسكو و واشنطن بأغسطس الماضي قامو بكتابة تقويم العام الجديد عام 2016م لمنطقة الشرق الاوسط و هو تقويم لا تتضح فيه رؤية الهلال التركي و يحجب نجوم سماء اصفهان، فكيف ستتحرك كلا منهما فى ظل حالة التناقض بالملف السوري و عدم توقف اردوغان عن دعم ارهابي سوريا سواء من حدودها او من لبنان او من الاردن، و فى ظل فرض كلمة جناح خامئني و الحرس الثوري على فريق حسن روحاني و التى كانت اخرها عملية اطلاق صواريخ باليستية مكتوب عليها "يجب ان تمحو اسرائيل" فى رسالة لحسن روحاني نفسه قبل اى طرف اخر، و كيف ستستغل اسرائيل التقويم الجديد كي تخوض تموز جديد ضد حزب الله فكل المؤشرات تجاه الضاحية تقول ان تموز 2006م قد يتكرر .
فادى عيد
الباحث السياسي و المحلل الاستراتيجي