قرار خطير آخر تقدم عليه الأدوات التنفيذية للمملكة المغربية، يؤكد بالملموس أنه حين يتعلق الأمر بالمصالح الضيقة و المرضية لدول الخليج، يفقد حكام المغرب بكارتهم و استقلال قرارهم، و ينزوون طوعيا ضد مصالح و تطلعات و تاريخ الشعب المغربي.
لسنين طويلة، و المغرب خاضع قسرا لإملاءات دول البترودولار الخليجية، هم من وضع مناهج تدريسنا و خصوصا الدينية، راجعوا من أطر بدايات كتبنا المدرسية للتأكد، هم من كلما اشتدت أزمة عربية - عربية أمروا متسلطين لذبح جنودنا على مقصلة مطامعهم المتأسلمة بالمنطقة، هم من لوث سياحتنا تحت أعين لا تنام، هم من رغم فضهم لبكارة استقلال قرارنا لم يستطع متسلطوا الحكم في المغرب حتى استمالتهم لقرار عربي حول وحدة أراضينا حول الصحراء المغربية.
لسنين طويلة و هم يجيشوننا وراء نزواتهم المريضة لتحقيق حلم حكم المنطقة بعد تفتيت أوصالها، و للأسف فمثقفونا نيام و فيروس الإرهاب يستشري في مجتمعاتنا، بمشروع تكفيري هم من وضع أسسه احتضانا و تمويلا، و تشريعات النصوص النجدية الغارقة في ظلاميتها، هي مقومات دولتهم الوهابية، و التاريخ يفضح عورة من يدعون خدمة الحرم بهتانا.
منذ تأسيس أجنحة القاعدة و استيطانها في شرايين بلداننا، و ما فرخته من تنظيمات موازية، لم يسجل قط أن دول الخليج دفعت في اتجاه تجييش الجامعة العربية لإدانة هذه التنظيمات رغم تنكيلها بشعوب المنطقة، ذبحا و تقطيعا للرؤوس و تصفية للأقليات المغايرة، ببساطة لأن الذئبة لا تأكل أبناءها.
حتى موقع النأي بالنفس، عن تأجيج الصراعات العربية - العربية، الذي طالما لوح به حكام هذا البلد، رموه في سلة القمامة، بدءا بزج الجيش المغربي في أتون تقتيل الشعب اليمني، و صولا لتحريك الجيش المغربي للمناورة على حدود الشعب السوري، إنه انتهاك مزدوج لسيادة الشعب المغربي، أن لا يستفتى في دعارة سياسية من هذا النوع مع أمراء الخليج، و سند صهيوني بين، لم يعد يستحيي أن يخفيه سلاطين البترودولار.
رغم اختلاف المرجعيات و التوجه، يجب الاعتراف و في واضحة النهار، أنه لولا تدخل قوات حزب الله لوقف المد التكفيري، لأصبحت مقصلة داعش تتوسط قلب بيروت، و أصبح الوضع أكثر كارثية، لقد وقفوا في وجه مد تكفيري بلغة الدم لم يخف الخليج التورط في صناعته، و ما الاستصدار السري لموقف عزل حزب الله في بيان وزراء الداخلية العرب إلا امتثال لأمر صهيوني - خليجي في هذا الاتجاه، لكن الأكيد أن إرادة الشعوب أصلب من بيانات الغرف المظلمة، و ما يذكي هذه النزعة الوهابية أن رأس الأدوات التنفيذية المغربي متورط إلى ركبه في مؤامرات التنظيم الدولي و محوره التركي المدمر في نفس الاتجاه دائما.
انتبهوا، فالخليج يريد إحراقنا، في لعب آخر أوراقه بالمنطقة، بعد انفضاح و تراجع مده الدموي إقليميا، لن نسمح لمن يريد تلطيخ شرف البندقية المغربية في بحر دماء الأشقاء بالمنطقة تحت دريعة إرهاب، بعد انحساره، محاولة لبعث الروح في جثة ميتة.
لا تدنسوا شرف جنودنا الراقدين في مقابر جبل الشيخ و الجولان في معركة الكرامة بسوريا، ذات زمن مشرق.
منعم وحتي.
ناشط سياسي وحقوقي مغربي