الصراع المصري الإيطالي على ليبيا ومعركة سرت الكبرى |
بمثل تلك الايام و بالتحديد فى 29 ابريل 1915م حشد الجنرال امياني قائد جيوش الاحتلال الايطالي على ليبيا جيشا ضخما بعد ان اشترى بعض الخونة من داخل ليبيا بالاموال كالساعدي بن سلطان من ترهونة، و محمد القاضي من مسلاتة، و محمد بن مسعود من قماطة، و رمضان السويحلي من مصراتة، و الغرياني بجانب العديد من المرتزقة من الاحباش و الارتريين كي تزداد نفوذه بالميدان لاسترداد فزان التى ذاق فيها الايطاليون شر الهزائم بعد ان حررها المرابطون الليبيون فى 10 ديسمبر 1914م بعد ان احتلها امياني فى 3 مارس من نفس العام، و سير الجنرال اميانى نحو فزان جيشين الاول اتجه الى فزان من طرابلس عن طريق غريان ثم المزدة ثم القريات و قد كمن له المجاهدون من ابناء قبيلة الزنتان حتى هزم شر هزيمة بمعركة وادي مرسيط فى 7 ابريل 1915م، اما الجيش الثان فقاده الجنرال امياني بنفسه و كان مؤلفا من أربعة عشر الفا مقاتل مسلحين بافضل المدافع و الرشاشات التى كانت تمتلكها روما حينها و اتجه الى فزان عن طريق سرت يوم 29 ابريل 1915م و التى كان احتلها الايطاليون ببداية عام1913م، و بمنطقة القرضابية هجم المرابطون الليبيون بقيادة حمد سيف النصر على الايطاليون لكي يكتب الليبيون بالقرضابية نصرا لا تحجبه سحب السماء و لا رمال الارض فى معركة فاصلة فى تاريخ النضال الليبي ضد المستعمر الايطالي .
و اليوم و بعد مرور أكثر من قرن تطل علينا وزيرة دفاع ايطاليا روبرتا بينوتي مهددة الجيش الليبي فى حال تقدمه نحو سرت دون موافقة رئيس حكومة الوفاق فايز السراج الذى ينتظر عربات مصفحة من برلين بتوصية من المستشارة الالمانية انجيلا ميركل لتأمين موكبه فى الوقت الذى تستعد فيه برلين لانشاء قاعدة عسكرية بانجرليك التركية بتكلفة تتخطى 34 مليون يورو بخلاف 10 مليون يورور خصصت لمدرج الطائرات المقاتلة لمحاربة داعش و ان لتركيا الحق بعد انتهاء الحرب على داعش التى لم يذكر أحدا ما هي مدتها سوى اوباما التى قال انها قد تطول لسنوات ان تهدم القاعدة او تسخدمها لها فيما بعد .
و تأتى تلك التطورات فى الميدان الليبي فى ظل اعداد عبد الرحمن السويحلي ( حفيد رمضان السويحلي ) مجموعات من مصراتة للسيطرة على سرت قبل وصول الجيش الليبي اليها بعد ان انقض السويحلي على مقرات المؤتمر الوطني المنتهية ولايته و فرار نوري بوسهمين الى مسقط راسه زوارة، بالتزامن مع استمرار صادق الغرياني فى ممارسة دور الغريان المعهود ببث السموم بين ابناء الشعب الليبي .
فمدينة سرت لم تعد مجرد معقل و مأوى فقط لتنظيم داعش الذى احكم كامل سيطرته عليها منذ عامين بل باتت هى المركز الوحيد الذى يستطيع منه داعش ادارة اى عملية عسكرية فى المحيط الليبي، و هزيمتهم بها ستكون ضربة قاضية لتنظيم داعش بلا خلاف .
و في ظل حالة التفريغ التى تتم بليبيا على يد الارهاب تحضر بعض الدول الاوربية البديل المسلح لملء الفراغ و لكي يكون ككيان موازي للجيش الوطني الليبي يستطيع ان يفرض كلمته على غرب ليبيا ثم يكون هو البديل عن الجيش الوطني الليبي بعد ان يتم اعتماد فايز السراج و حكومة الوفاق رسميا، و لنا فى المتدربين الليبيين على يد الجيش الالماني فى تونس الذى لا يعرف أحد هم تابعون لاي جهة عبرة .
و بعد لقاء هام جمع كلا من قائد القوات المسلحة العربية الليبية خليفة بلقاسم حفتر و امر اللواء 241 مشاه العقيد محمد بن نايل و امر الكتيبة 25 حرس الحدود المقدم علي سيدي التباوي بمقر قيادة الاركان للجيش الليبي بالمرج، ثم تصريحات امر غرفة العمليات العسكرية باجدابيا الملازم محمد إبسيط عندما قال "إنه تم إعداد العدة لفتح محاور مدينة سرت وسوف نشارك بمالنا وبأنفسنا لتحريرها من براثن الارهاب، وأن أبناء سرت يريدون المشاركة في تحرير مدينتهم وسيحاربون تحت قيادة الجيش " فى اشارة لمن يستقوي بالغرب على الشعب الليبي بات الجميع ينتظر تحرير ليبيا من الفوضى الخلاقة، فالجيش الليبي الان لا يخوض معركه باسمه و بأسم ليبيا فقط بل معركة نيابة عن الانسانية جمعاء ضد تنظيمات ارادت ان تعيد الارض للعصور الوسطى، و لذلك كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فى كل المناسبات يؤكد بأن لا بديل عن دعم الجيش الليبي .
فتصريح وزيرة الدفاع الايطالية يأتي فى سياق فرض الوصايا الغربية على ليبيا و الذى بدأ منذ هجوم حلف الاطلسي على ليبيا حتى دمر كافة اعمدة الدولة و بنيتها التحتية قبل ان يتم تصفية قائد الجيش الليبي الشهيد عبد الفتاح يونس بواسطة عملاء من داخل ليبيا نفسها، وصولا لضغوط لندن التى مارستها على الجميع لحظر تسليح الجيش الليبي فى مقابل تسليحها مليشيات طرابلس، فتصريح بينوتي لا يختلف كثيرا عن تصريحات الادرارة الامريكية و قائد قوات الافريقوم تجاه ليبيا او تصريحات هيلاري كلينتون الفاجة التى صرحت يوما بأن الليبيون اغبياء لا يستطيعو ادارة شؤون بلادهم، كما أن الجنرال الايطالى باولو سيرا المعين من قبل الامم المتحدة و الذى يعد بمثابة الحقيبة العسكرية للمبعوث الاممي او بالاحرى بول بريمير ليبيا مارتن كوبلر بات يرى فى نفسه مجدد احلام نائب الملك الايطالي فى اثيوبيا و مبعوثه الدموي بافريقيا رودولفو غراتسياني، نعم أن روما باتت تعيد احلام الماضى الاستعمارية و قضية مقتل الشاب الايطالي ريجيني بالقاهرة تعكس لنا بوضوح محاولة لوي ذراع مصر كي تعزل عن الشقيقة الليبية، و لكن اذا فشلت روما بالماضى فى عزل مصر عن ليبيا بشريط سلك شائك بطول حدود الدولتين فهل تنجح محاولات روما العبثية فى حشد الاتحاد الاوربي ضد مصر لكي تعزلها عن ليبيا، فهيهات فالتاريخ يعيد نفسه و لذلك فلننتظر قرضابية2 فلننتظر معركة سرت الكبرى .
فادى عيد
الباحث و المحلل السياسي بشؤون الشرق الاوسط