الشهيد المغدور: بين الخائن و الجلاد
في السادس من شهر ما في سنة ما ،وفي فضاء واسع مفتوح ، أثار ارتفاع الاتربة و الغبار المتصاعد في السماء بشكل غير معهود فضول وهلع أشخاص ثلاثة التقوا على غير موعد، اعتبروها أول الأمر عاصفة رملية قد لا تبقي و لا تدر شيئا أمامها أكان أخضرا أو يابسا فاستعدوا لأسوء الاحتمالات و هو الموت اختناقا.
رويدا رويدا بدأ الغبار ينقشع ليكشف عن حشد كبير من المخلوقات مسوقة في اتجاه محدد كما تساق البهائم و الدواب إلى الحظيرة أو نحو قدرها المحتوم المجزرة.
حينما أيقن الثلاثة من نجاتهم و ذهب عنهم الرعب، تساءل أحدهم وهو يفرك يديه و هو بارع في أساليب الكسب و التجارة عن وجهة الحشد الغفير وسط هذا الفضاء الخالي من غير الوحوش الضارية و دواب الأرض وهوامها ،أجابه أحدهما ملوحا بعصاه وعلامات الاثارة بادية على محياه ،لعلهم في إغارة أو يطلبون رأس أحد انتقاما لمقتل عزيز عليهم مبديا رغبته في مشاركتهم كل أعمال الضرب و الرفس و الجلد طمعا في الغنيمة...
خيم السكوت طويلا على ثالثهم الذي بدا أكثر هدوءا وحكمة أثارت قلقهم ليسأله الإثنان معا :ما رأيك انت فيما ترى يا صاح ؟ ليجيبهم: ربما أرضهم أو عرضهم... جواب لم يزدهما إلا تفكيرا فيما يمكن كسبه بالضرب أو الكسب و التجارة...
جالت بخاطر التاجر فكرة ليصرخ فجأة إنها فرصة لا تعوض و سأزداد كسبا في الاتجار في هذا الحشد، ليعبر الثاني عن تعطشه لإراقة الدماء و المساهمة في التعذيب و المشاركة في الجلد تلذذا في إلحاق الأذى بالأخرين...
ليرد الثالث بلهجة ملؤها التنديد بمجرد التفكير في الاتجار والربح السريع مستنكرا في الوقت ذاته اي عمل من شأنه إلحاق الضرر و الأذى باي كان.
وبما أن لكل واحد من الاثنان غاية في نفسه تبرر الوسيلة تحقيقا لهدفه ، لم يستسيغا رد صاحبهما ،تبادلا معا نظرات المكر و الدسيسة ،ليتفقا على الايقاع به و الاستحواذ على ممتلكاته...
بعد مرور سنوات طويلة عاد التاجر و الجلاد ليلتقيا في سوق النخاسة فانصهرا معا وتصاهرا خوفا من شبيه ثالثهما...
العيرج ابراهيم
عضو الجمعية الوطنية
لأسر شهداء ومفقودي واسرى
الصحراء المغربية