من أوروبا إلى آسيا وأفريقيا احتفالات تكريم الشهداء: قد يختلف الشكل أما الجوهر فواحد
قد تختلف طرق استذكار الجنود الشهداء بين دولة وأخرى، وربّما تتنوّع طقوس الإحتفال بحسب عادات كل دولة، إلّا أن الثابت والمشترك في جميع الاحتفالات التذكارية، أنها تسعى إلى تكريم أولئك الذين تجاوزوا أنفسهم، وتساموا بعطاءاتهم فوق المصالح الخاصة، فقدّموا أرواحهم فدية عن مواطنيهم كي تنعم أوطانهم بالحرّية والأمن والاستقرار.
بالصلوات وأكاليل الورد والتبرّعات والاحتفالات الرسمية يُكرَّمون في مختلف دول العالم، لأن لهم كل الحق في التكريم وإن كان استشهادهم بحد ذاته أعظم تكريم نالوه عن استحقاق وجدارة.
الصين
تحتفل حكومة الصين وجيشها بعيد الشهداء في 30 ايلول من كل سنة. ويحتشد المواطنون في هذا اليوم لوضع باقات الورود على قبور الشهداء وتقديم تحية إجلال الى أبطال البلاد.
كما يزور المسؤولون الحكوميون والعسكريون نصب أبطال الشعب في ساحة تيان انمين، حيث يقف القادة بوقار فيما يتم عزف النشيد الوطني الذي ينشده جميع الحاضرين. يلي ذلك وضع أكاليل الورود أمام النصب بعد دقيقة صمت تكريمًا لأرواح أبطال الأمّة. في اليوم التالي، تقام الاحتفالات في كل أرجاء الصين مع تنظيم عروض عسكرية في المدن الرئيسية بما فيها عرض مميّز في العاصمة بكين.
كذلك تكرّم الصين شهداءها في عيد الجيش في الأول مـن آب. في هذا اليـوم، يذهب الجـنود إلى منتـزه الشهداء ويضعون أكاليل من الزهور لتكريم إنجازات شهدائهم، ويتلو القادة الوطنيون خطابـات في كل أرجاء البلاد.
كما تقيم القوى المحلية والعسكرية مؤتمرات صحفية وعروضًا مسرحية لتعميق التفاهم والتواصل بين أفراد الشعب.
إيطاليا
تحتفل إيطاليا بـ«عيد الوحدة الوطنية» و«عيد القوات المسلحة» في الرابع من تشرين الثاني، إحياءً لذكرى نهاية الحرب العالمية الأولى. في ذلك اليوم من العام 1918، انتهت «الحرب العظمى» مع دخول الجنود الإيطاليين إلى مدينتي ترنتو وترييستي بعد حوالي ثلاث سنوات ونصف من القتال.
في تخليد ذكرى الجنود الذين سقطوا دفاعًا عن الوطن الأم، يضع رئيس الجمهورية الإيطالي برفقة وزير الدفاع إكليلًا من الغار على قبر الجندي المجهول. الجدير بالذكر، أن النصب الخاص بالجندي المجهول يضم قبرًا مع شعلة خالدة وقد شيّد بعد الحرب العالمية الأولى تحت تمثال آلهة روما، بناءً على فكرة طرحها الجنرال جوليو دوهيت. وتم اختيار جسد الجندي المجهول في العام 1921 من بين بقايا أحد عشر جنديًّا مجهولًا. وقامت بالاختيار ماريا برغاماس، وهي امرأة قتل ابنها الوحيد خلال الحرب العالمية الأولى، ولم يعثرعلى جثته. وتحتوي قبور الجندي المجهول في إيطاليا عادة على بقايا جندي متوفٍّ مجهول الهويّة (أو «لا يعرفه إلاّ الله» كما هو محفور على الحجارة). ويعتبر ذلك رمزًا لتخليد ذكرى الموتى المجهولين أينما سقطوا خلال الحرب.
إسبانيا
يُحتفل بعيد الجيش الإسباني في يوم السبت الأقرب الى تاريخ 30 أيار، وذلك تكريمًا للملك فرديناند الثالث المعروف بإنجازاته العسكرية، والذي يصادف ذكرى وفاته في هذا التاريخ.
وعلى الرغم من أن هذا اليوم ليس يوم عطلة رسميّة، إلّا أنّه عيد يُحتفل به في كل أرجاء البلاد. فالحدث الذي بدأ باستعراض عسكري بحت في العام 1978، أصبح على مر السنوات حدثًا شعبيًّا تتخلّله عروض عسكريّة وخطابات رسميّة واحتفالات.
فنلندا
تحيي فنلندا في الأحد الثالث من شهر أيار من كل عام ذكرى شهدائها الذين سقطوا في حرب استقلال وطنهم في العام 1917، والجنود الذين سقطوا في أثناء خدمتهم ضمن قوّات حفظ السلام خارج بلادهم. وتتضمّن التقاليد تكريم الشهداء من خلال زيارة المقابر المحلّية بعد إقامة قداديس عن راحة أنفسهم. كما تقام احتفالات محليّة إحياءً للذكرى في مختلف أرجاء فنلندا.
يتم الاحتفال بذكرى الشهداء في فنلندا منذ العام 1940 عندما أمر بذلك المارشال كارل غوستاف مانيرهايم. وقد أقرّت الحكومة هذا العيد كمناسبة وطنيّة في العام 1946.
إيرلندا
في إيرلندا، تخلّد ذكرى الرجال والنساء الإيرلنديين الذين سقطوا في حروب سابقة أو خلال خدمتهم ضمن قوّات الأمم المتحدة، في يوم الأحد الأقرب إلى الحادي عشر من تموز، وهو الذكرى السنويّة للهدنة التي تم توقيعها في العام 1920 والتي انتهت بموجبها معركة الاستقلال.
يقام الاحتفال المركزي بإحياء ذكرى الشهداء في مستشفى كيلمنهام الملكي في دبلن. ويترأسه رئيس الجمهوريّة في حضور رئيس مجلس الوزراء وأعضاء من الحكومة، بالإضافة إلى أعضاء البرلمان الإيرلندي، ومجلس الدولة، والكيان الدبلوماسي، والسلطة القضائية. كما يشارك في الاحتفالات أقرباء قادة العام 1916، وأقرباء من سقطوا خلال خدمتهم مع الأمم المتحدة، وممثلون عن إيرلندا الشمالية، إلى شريحة كبيرة من المجتمع تتضمّن جنودًا متقاعدين.
جمهورية كوريا
تحيي كوريا ذكرى شهدائها في السادس من حزيران، وهو يوم عطلة رسمية يذكر من خلاله الشعب جميع الذين خسروا حياتهم في الماضي خلال عمليات القتال دفاعًا عن الوطن، علمًا أن التكريم ليس محصورًا بالعسكريين، وإنما هو يطال جميع «الشهداء الوطنيين» من رجال ونساء قدّموا حياتهم من أجل إنقاذ بلادهم.
في هذه المناسبة، يقام احتفال يترأسه رئيس كوريا الجنوبية، لكن الجدير بالذكر، أن تكريم الشهداء في كوريا لا يقتصر على يوم واحد، وإنما يستمر طوال شهر حزيران، حيث يرفع العلم نصف رفعة في هذا الشهر، وتقام عدّة احتفالات على الصعيدين العسكري والمدني.
ماليزيا
تحتفل ماليزيا بيوم المحاربين في 31 تموز من كل عام وهو يوم مميّز تخلّد فيه ذكرى الجنود الذين سقطوا خلال الحربين العالميتين والطوارئ الماليزية. ويشمل التكريم أيضًا كل من خسروا حياتهم في الخدمة خلال تاريخ ماليزيا.
بدأ الاحتفال باليوم التذكاري منذ العام 1963، وقد تم اختيار هذا التاريخ لأنه يمثّل الذكرى السنوية لنهاية الطوارئ الماليزية في العام 1960.
خلال الاحتفال، يقام عرض في الساحة الوطنية في وسط كوالا لمبور، يحضره ملك ماليزيا وملكتها ورئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء.
يشارك في العرض كلٌّ من الجنود، وطاقم الشرطة والجيوش والجنود السابقين والقدامى. ويلقي أحد الجنود قصيدةً بالمناسبة لتذكير المواطنين بالجنود الذين سقطوا وضحّوا بحياتهم من أجل البلاد.
يستقطب هذا الاحتفال عددًا كبيرًا من الحضور في كل عام، ويصبح نقطة جذب للسياح.
غانا
يتم الاحتفال بتخليد ذكرى الجنود الذين قاتلوا من أجل استقلال غانا في الثامن والعشرين من تشرين الثاني من كل عام. ويقام الاحتفال على مفترق طرق في ساحة تم تخصيصها لهذه المناسبة.
سريلانكا
تخلّد سريلانكا ذكرى أبطال الحرب من القوات المسلّحة، والشرطة، وقوات الدفاع المدني في عدّة احتفالات.
فهي تكرّمهم في ذكرى الاستقلال في الرابع من شباط، ضمن احتفال كبير يرعاه رئيس الجمهورية.
ويتضمّن الاحتفال عرضًا عسكريًا وآخر ثقافيًّا. ويقف ضيف الشرف والضيوف الآخرين تقديرًا عندما تدخل مجموعة من أبطال الحرب المعوّقين إلى العرض.
كذلك تكرّم سريلانكا جنودها الشهداء في عيد الجيش في العاشر من تشرين الأول من كل عام.
فهذا العيد مخصّص لتقديم التحيّة للجنود الشجعان الذين ضحّوا بحياتهم من أجل حماية البلاد وسكانها.
يتضمن عيد الجيش عرضًا يتخلّله رفع العلم كتحيّة إجلال لأبطال الحرب. إلى ذلك، يتمّ إلقاء أناشيد وصلوات لحماية الجنود طوال الليل في المعابد البوذية، ويلي ذلك حفل توزيع الصدقات في الصباح التالي.
كما يتم وضع أكاليل من الورود على النصب التذكاريّة لأبطال الحرب الشهداء من القوات المسلحة بمشاركة أفراد عائلاتهم. ويسبق عيد الجيش سلسلة من الطقوس الدينية في المعابد البوذية والإسلامية والهندوسية والمسيحية.
تانزانيا
تحيي تانزانيا «عيد البطل الوطني» في الخامس والعشرين من تموز، بحضور رئيس جمهوريتها الذي هو أيضًا قائد القوات المسلّحة.
تعتبر هذه المناسبة عطلة رسميّة، يشارك في إحيائها الجيش والسلطات المدنيّة والمواطنون، حيث يكرّمون جميع الرجال والنساء الذين كرّسوا حياتهم لتحرير البلاد والحفاظ على سيادتها وحماية السلام وحفظه إضافة إلى حفظ الأمن والسلام في أفريقيا والعالم.
يحتفى بعيد البطل عبر استعراض حداد خاص تشارك فيه وحدات الشعب الدفاعية والشرطة وقوة السجن وقوة الخدمة الوطنية. خلال هذا الاحتفال، يقوم القادة بوضع الأسلحة التقليدية على أبراج «أوهورو» (قبور الأبطال) في منطقتي كاغيرا وروفوما، كما يتلو رجال الدين الصلوات.
الهند
يشكّل عيد الجيش في الهند مناسبة لتقديم تحية إجلال إلى العسكريين الذين ضحّوا بحياتهم لحماية البلاد والشعب. يحتفل بالعيد في 15 كانون الثاني من كل عام وهو تاريخ تسلّم الفريق (ولاحقًا المشير) كاريابا قيادة القوات المسلّحة الهندية من الجنرال السير فرانسيس بوتشر القائد البريطاني الأخير للجيش في الهند في العام 1949.
يحتفل بعيد الجيش عبر إقامة عروض عسكرية وغيرها من الاحتفالات العسكرية في العاصمة نيودلهي كما في كل المقرات المركزية.
إندونيسيا
تأسس الجيش الاندونيسي في 5 تشرين الأول من العام 1945، ومنذ ذاك الوقت يقام الاحتفال سنويًا في مقر قيادة الجيش الإندونيسي بمشاركة جنود من كل قطع الجيش والقوات البحرية الجوية.
يحضر الاحتفال رئيس جمهورية إندونيسيا كضيف شرف لكونه أيضًا قائد القوات المسلّحة الإندونيسية، كما يحضر ضباط من القوى البريّة والبحرية والقوات الجوية والعديد من الضيوف البارزين.
الحدث الأبرز خلال النهار هو الاستعراض الذي يقدّمه الجنود إضافة إلى استعراض الآليات المسلّحة والأسلحة والمروحيات العسكرية.
أستونيا
يعتبر تاريخ استقلال أستونيا حديث نسبيًّا (أقل من 100 سنة)، لذلك فإن تقاليد تخليد ذكرى شهدائها هي جديدة نوعًا ما، حيث يعود بعضها إلى العام 2013 فقط.
تختلف طرق إحياء ذكرى الجنود الشهداء في أستونيا. فهناك أولًا تكريم فرديّ تقوم به الوحدات، كلّ حسب تقاليدها. ويشمل عادةً احتفالات مصغّرة تقام في «يوم الموتى» بمشاركة رفاق الشهداء في السلاح.
وفي حال سمحت الظروف، يزور هؤلاء قبور رفاقهم الشهداء برفقة أقربائهم.
أما تكريم المحاربين القدامى والشهداء الأخوة في السلاح فيتم في «يوم القدامى» في شهر نيسان و«يوم قوات الدفاع» في تشرين الثاني.
في 23 نيسان، يُكرَّم جميع الجنود الذين قدّموا تضحيات للبلاد. ويعتبر هذا التقليد جديدًا نسبيًا حيث بدأ في العام 2013، وقد تم اختيار عيد مار جرجس لتسليط الضوء على دور القدامى. في هذا اليوم، يتم الاحتفال على مستوى الدولة بأسرها، وتقام الحفلات والمناسبات الخيرية في جميع أرجاء البلاد قبل أسابيع من تاريخ إحياء الذكرى. من أبرز مظاهر الاحتفال، حملة «نحن نحيّي!» التي يتم خلالها بيع آلاف الدبابيس الصغيرة بأشكال الورود وبالألوان الوطنية، بهدف جمع المال للجنود الجرحى والمصابين.
النيبال
يحتفل الجيش النيبالي بعيد جيشه في كل عام في يوم «ماها شيفاراتري» منذ العام 1991 وما بعد. و«ماها شيفاراتري» هو يوم ديني يحتفل خلاله بعيد الآلهة شيفا ويصادف العيد عادة في شهر شباط أو آذار.
يقام الاحتفال في army pavilion في منطقة tudinel في كاتماندو، ويحضره القائد الأعلى للجيش النيبالي ورئيس النيبال كضيفي شرف، إضافة الى عدد من المسؤولين وضيوف رفيعي المستوى من دول أجنبيّة.
عند وصوله إلى army pavilion يضع الرئيس إكليلًا من الورود على النصـب التذكاري للشهداء.
ويقدّم الجنود النيباليون عروضًا متعددة مثل تحليق الطائرات وإطلاق النار بالبنادق والمدافع وعرض الوشوم العسكرية وعروض عسكرية مذهلة إلى عـزف لفرقـة موسيـقـى الجيش وعروض القفزات الحـرة والألعاب النارية
منقول عن